أنا والضاد للشاعر / د.أحمد الشردوب

أنا والضاد
_______________
ولي للضّادِ عهدٌ وانتسابُ
ونعم القربُ منها والجنابُ
ويكفيني لسانُ الضّادِ فخراً
فمن ألفاظِه صيغَ الكتابُ
وفي دارِ الخلودِ الضّادُ لسنٌ
به يُتلى من الله الخطابُ
وعلمُ الضّادِ في دنيايَ دينٌ
عليه المرءُ في الأخرى يُثابُ
معينُ الضّادِ نبعٌ سلسبيلٌ
وبحر زاخرٌ وله عُبابُ
وفيه الدُّرُ مكنونٌ خبيءٌ
ومن يبغيه يسعفُه الطِّلابُ
وفي أعماقِه يمضي بعيداً
ولا يكفي لساحله اقترابُ
عشقتُ الضّادَ نثراً ثم شعراً
ولي عن سرِّها كُشف الححابُ
فأهدتني جواهرَها وجادت
كما بالقطرِ قد جاد السّحابُ
فأعجبني جناها إذ تدلّى
وأسكرني نداها والرُّضابُ
و راقَ جمالُ طلعتِها لعيني
وأدهشني بقامتِها انسياب
أراني إن بعدتُ اليومَ عنها
لسِفرتِها يلظُّ بيَ الإيابُ
فعند الجوعِ بالضّادِ اغتذائي
وإن أظما فبالضّادِ الشّرابُ
ويعذلني بحبِّ الضّادِ قومي
وهل في الضّاد من وصمٍ يُعابُ
دعوتهمُ إليه فأنكروه
ولو علموا كوامنَه استجابوا
ورحتُ أسائلُ الأجدادَ عنه
فعن أوصافِه الفُضلى أجابوا
علتهُ حلاوةٌ ونداه طلٌّ
وللشّهدِ المُشارِ به انسكاب
وأسفلُه خصيبٌ بضَّ قطراً
وأثمارٌ بأعلاه طِيابُ
عذولي في هواها لا تلمني
فمالي عن محبَّتِها متابُ
فتحتَ جناحِها ضمَّت فؤادي
وآوتني سواحلُها الرِّحابُ
ونحو فضائها رفعت مقامي
فكيف يصدُّني عنها انقلابُ
دعتني الضّادُ كهلاً للتَّصابي
فأنكرَ غاضِباً منها الشّبابُ
وقالوا غادةٌ وتحبُّ كهلاً
فيا لشقائنا ! عزَّ المصابُ
فضجَّت من مقالِهمُ العذارى
وغارت عندما سمعتْ ربابُ
أيغدو عاشقاً من صار كهلاً
وعشقُ الطّاعنين له نِصابُ
وما علموا بأنَّ القلبَ صبٌّ
وحبُّ الضّادِ فيه له التهابُ
لكلِّ ملامةٍ قولٌ وردٌّ
وعذلُ العاذلين له جواب
عجبتُ لمدَّعٍ للضّادِ نِدّاً
لعمري ذاك للفصحى سُبابُ
على اللهجاتِ يقبلُ في انحدارٍ
ويهوي مثلما يهوي الذّباب
ويترك فسحةَ الفصحى ربيعاً
وتعجبُه الأزقَّةُ والشِّعابُ
ويخلط طيِّباً بخبيثِ قولٍ
وهل يُقنى الخبيثُ ويُستطاب
ويعشقُ داعراً :سوسو و جوجو
وفينا الغادةُ الدَّعدُ الكَعابُ
ويأخذ من بني الإفرنج لفظاً
فتسخرُ من عروبتِه كلابُ
أيرضى بالقشورِ دعيُّ فهمٍ
لديه الأصلُ يورقُ واللبابُ
إلى الفصحى شكوتُ ذيولَ قومٍ
بأرضِ العُربِ شبّوا ثم شابوا
أهانوا الضّادَ في أرضِِ رعتها
فقد دُفنتْ و غطّاها الترابُ
وقد نزعوا عباءَتَها وولُّوا
إلى اللّهجاتِ تحملُهم رِغابُ
وغرَّهمُ بريقٌ من لغاتٍ
ولهجاتٍ للوثَتِها استطابوا
فعمَّتْ لوثةُ الإفرنجِ فيهم
وضجَّتْ ألسنٌ وشكت ثيابُ
عليها من رسوم العار وشم
ولفظ تستحي منه الكلاب
أنُفلتُ من أيادينا نسوراً
ويعجبُنا فنتبعُه العقابُ
ونزهد في خدودٍ واحمرارٍ
ويغرينا التَّزركشُ والخضابُ
عجيبٌ أن ترى في الشّمسِ عيباً
وأن تجدَ الظّلامَ بها عُجابُ

Comments

Popular posts from this blog

قصيدة رمضان للشاعر د.منصور غيضان

صنعاء للشاعر /خالد الشرعبي

لأجل عيونها للشاعر عبده مجلي